- الرئيسية
- الرسول صلى الله عليه
- / أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
0
ولادتها و نشأتها :
برزت إلى الوجود طفلة جديدة لـ محمد صلى الله عليه و سلم، ممتلئة مكتنزة، جميلة المحيا، أسيلة الخدين، فسماها أبواها أم كلثوم
ثم نمت و درجت فكانت نِعْم القرين لأختها رقية، و كأنهما توأم
خطبتا إلى ولدي ابي لهب معا، ثم ردتا معا، و لقد كان خيرا لهما ” تفاصيل زواجها تجدها هنا في سيرة رقية رضي الله عنها “
إذ نجت أم كلثوم رضي الله عنها من نكد العيش مع حمالة الحطب، كما نجت معها أختها الحبيبة رقية التي ما لبثت أن تزوجها الشريف العفيف عثمان بن عفان رضي الله عنه، و هاجرت معه إلى الحبشة
في قلب المعركة:
عاصرت أم كلثوم رضي الله عنها أشد فترات الاضطهاد و أصعب ظروف الدعوة، و أقسى أيام الجهاد
فبعد طلاقها من ابن عمها ابي لهب، لزمت أمها خديجة و فاطمة تشاركهما عبء الحياة و شظفها، و تخففان عن الوالد الكريم بحنوهما و عطفهما ما يلقاه من أذى قريش و سفهها
فتعاصر فترة الحصار الظالم، حيث خرج محمد صلى الله عليه و سلم بأسرته و من تبعه إلى شعب أبي طالب، ضاحية من ضواحي مكة، و انحاز إليه قومه بنو هاشم، فهناك عاشوا جميعا في ضيق الحصار حتى إنهم كانوا يأكلون أوراق الشجر من شدة الجوع، و أقاموا على ذلك نحو ثلاث سنين، تصل إليهم بعض الأحيان الأقوات و الأطعمة سرا
و قد دخلت أم كلثوم رضي الله عنها تجربة قاسية و أعظم امتحان، فوالدها رسول الله في هم و حزن و ألم، و أختها زينب مع زوجها أبو العاص في مكة لا تملك لهم حولا و لا طولا، و رفيقة الصبا و العمر رقية في بلاد نائية بعيدة، و أمها خديجة تغالب المرض الشديد، لا تقوى على الحركة، و الصغيرة فاطمة بحاجة إلى رعاية و عناية
لقد حملت أم كلثوم في تلك الآونة أكبر المسؤوليات وأعظمها، فكانت صابرة محتسبة تخفف عن الأب الرسول آلامه و أحزانه و تواسي الأم قائلة: لا بأس عليك يا أماه
و كبرت مسؤولية أم كلثوم فأضحت المسؤولة الأولى عن البيت النبوي الشريف بعد وفاة أم المؤمنين أمها خديجة بعد صراع مع المرض الذي أنهك بدنها في الحصار، فكانت نعم ربة البيت المثالية، كيف لا
!! و هي ابنة سيدة نساء العالمين
الهجرة :
هاجر المسلمون إلى يثرب و معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، و بقيت أم كلثوم و فاطمة في مكة حرصا على سلامتهما.
و بعد وصوله صلى الله عليه و سلم أرسل زيد بن حارثة إلى مكة يستحضرهن، فخرجن إلى الحجون، و ودعن قبر الأم الحنون، ثم مضين إلى يثرب
زواجها :
مضى على الهجرة عامان حافلان بجليل الأحداث و عظام الأمور، شهدت أم كلثوم خلالها عودة أبيها منتصرا من بدر، كما شهدة وفاة شقيقتها الغالية رقية متأثرة بمرضها
و حين أهل العام الثالث كان الحزن لا يزال جديدا عليها، و لكنها كانت تلمح عثمان بن عفان رضي الله عنه يأتي أباها دائما يلتمس عنده العزاء و النصح و العون عن فقيدته الغالية رقية، وترى دموعه في عينيه تحدث عن لوعته و حزنه
و في يوم جاء ابن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم شاكيا مغضبا، فسأله النبي صلى الله عليه و سلم عن سبب ذلك، فأخبره بأنه عرض على أبي بكر و على عثمان الزواج من ابنته حفصة ، فلم يرضيا، فهدأه صلى الله عليه و سلم و طيب خاطره و قال له :
تتزوج حفصة من هو خير من عثمان و يتزوج عثمان من هي خير من حفصة (1)
و تزوج صلى الله عليه و سلم من حفصة ، فهو خير من عثمان، ثم قال لعثمان :
أزوجك أم كلثوم أخت رقية، و لو كن عشرا لزوجتكهن، و هي رضي الله عنها خير من حفصة
و تم زواج أم كلثوم من عثمان على مثل صداق رقية و على مثل صحبتها .
و عاشت رضي الله عنها ست سنوات ، رأت فيها مجد الإسلام يبلغ أوج انتصاره، و شاهدت أباها صلى الله عليه و سلم يخرج من معركة إثر معركة، و يعود من غزوة إثر غزوة، مؤيدا مظفرا، و عثمان معه صاحبا و مجاهدا
(1)
ذكره ابن الأثير في ” أسد الغابة ” (5/486)، صحيح : رواه البخاري : (9/152-153)
وفاتها :
في شعبان من السنة التاسعة للهجرة تلقى أم كلثوم ربها
فقال النبي صلى الله عليه و سلم :” لو كن عشرا لزوجتهن عثمان ” حكاه ابن سعد
عن أنس ، قال : رأيت النبي صلى الله عليه و سلم جالسا على قبرها يعني أم كلثوم ، و عيناه تدمعان “
أخرجه البخاري (3/126- 127)
بعد أن تم لرسول الله صلى الله عليه و سلم فتح مكة، حن قلب أم كلثوم لزيارة قبر الأم الحنون، و حدثت زوجها و والدها بالأمر، فوافقاها على ذلك ، لكن المنية عاجلتها .
و وسدها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جانب ما تبقى من رفات أختها الحبيبة رقية، جمعتهما الحياة في بيت عثمان و ضمهما قبر واحد
و وقف النبي صلى الله عليه و سم على قبر ابنتيه دامع العينين مثقل القلب بهم الثكل المتتابع
** ترجم لها ابن سعد في ” طبقاته “(8/37) و ابن عبد البر في ” الاستيعاب” (4/506-507) ، و ابن الأثير في ” أسد الغابة”(5/486) ترجمة (7582) ، و ابن حجر في ” الاصابة” (8/272-273)